إنها حلقة ستدور فيها، شئت أم أبيت، الضغوط لن تخفف من نفسها، بل على
العكس ستتزايد في حال لم تتعامل معها بحكمة. لن تساعدك سلوكيات تخفيف التوتر إن
كنت لا تعتني بنفسك عناية مدروسة ومنظمة، قد تُغيّر من نظرتك لها في حال حسبتها
جزءا جوهريا في حياتك، له أهميته القصوى مثل عملك ودراستك وعائلتك، لأن بقية
الأعمدة دونها قد تنهار. رعاية الذات عملية متعددة الأوجه والأبعاد، تتكون من
الإستراتيجيات التي تعزز عيش حياة صحية على الأصعدة كافة، وليست حالة مؤقتة، وهي
أساسية لتكوين مرونة وصلابة تجاه تقلبات الحياة بشكل عام، ليست رفاهية أبدا، ليست
مخرجا سريعا تلجأ إليه حين يهاجمك الإرهاق والقلق.
عليك أخذ الراحة والاعتناء بذاتك على محمل الجد حتى تمنحك أقصى ما
فيها، أن تفكر فيها باعتبارها أولوية، وقراءة هذا الدليل خطوة إيجابية. لا يتسامح
العالم مع التوقف، دائما هناك شيء مؤجل، شيء مستعجل، شيء أفضل تقوم به، لكن لتجني
فوائد الراحة عليك حمايتها وتخصيص وقت لها. انظر إلى جدولك، هل هو مليء
بالاجتماعات أو مواعيد التسليم أو الامتحانات أو المسؤوليات المنزلية؟ إن كانت
الإجابة "نعم"، فقد حان الوقت لتفكر جديا في: متى ستستريح؟ وأي شيء
ستتخلص منه أو تؤجله لتعتني بذاتك؟
لماذا من المهم أن نمارس الرعاية الذاتية؟
لا تدور الرعاية الذاتية حول الراحة والاسترخاء فحسب، بل فكّر فيها
مثل برنامج شامل يتناول جوانب حياتك نفسيا وجسمانيا وعاطفيا واجتماعيا وروحانيا
أيضا. لتعتني بنفسك كما ينبغي، يجب أن تغذي كل هذه الفروع التي في النهاية ستنتج
التوازن المطلوب، لكن أحيانا سيأخذ منك أحد الجوانب مجهودا ووقتا مضاعفا في حال
كان أساسه ضعيفا من البداية، إن كنت تواجه مشكلات مع عائلتك أو في عملك مثلا،
فسيأخذ تذليل تلك الصعاب مساحة إضافية قبل تحقيق النتيجة المرجوة، ألا وهي حياة
مستقرة وعقل هادئ وجسد صحي.
يرتكز الاعتناء الكامل بالذات على 5 ركائز: جسماني، واجتماعي، ونفسي،
وروحاني، وعاطفي.
أولا: الجسماني
العقل السليم في الجسم السليم، نعم "كليشيه"، لكنه لم ينل
منصبه من فراغ. عليك الاعتناء بجسدك عناية جادة لأنه معبدك الذي تحمله في كل خطوة،
صديقك الذي إن أوليته الرعاية المطلوبة فلن يخذلك أبدا، بل سينعكس تحسّنه على جودة
حياتك ونشاطك وشعورك بالخفة. تشمل الرعاية الجسمانية الطعام الذي تستهلكه وعدد
ساعات نومك والتمارين، أيا كان نوعها، التي تمارسها، ومدى التزامك بأدويتك إن
وُجدت أو المكملات الغذائية التي يحتاج إليها جسدك.
اسأل نفسك الأسئلة التالية لتحدد أي زاوية بالضبط تحتاج للتركيز
عليها: هل تحصل على قسط كاف من النوم؟ هل تمارس ما يكفي من الأنشطة البدنية؟ هل
نظامك الغذائي متوازن؟ هل تمارس عادات مضرة بصحتك كالتدخين مثلا؟ ستضعك إجابات هذه
الأسئلة على أول الطريق.